Friday, 10 January 2020

النّار الباردة… شخصيات تحترق من الداخل ودراما تشق طريقها نحو الصدارة







في مسلسل النار الباردة إستطاع فريد بن موسى أن ينتقل بالمشاهد من الصورة النمطية المتكررة في الأعمال الدرامية  إلى صورة جديدة لجانب من جوانب حياة المجتمع الجزائري، الذي أصبح أكثر تعقيدا مع الانفتاح على العالم ودخول التكنولوجيا في جميع مجالات الحياة.
وفتح لنا المخرج بن موسى بابا للاستفهام الذاتي داخل الذاكرة الفردية مفادها أن إلى أين تريد تلك الشخصية الوصول؟
فمعظم شخصيات الحلقات الثلاثة عشر الماضية بدأت برسم طريقها في ذهن المشاهد الجزائري، لتبدأ الدراما وحبكة المسلسل بحفر أحداثها على حجر الذاكرة عائدة بنا إلى زمن الدهشة و الاستغراب والاستفهام أحيانا، ومحاولة تقمص أدوار الشخصيات اللاعبة على أعصاب المشاهد أحيانا أخرى!
إنه إستطاع بطاقم ممثليه الذين يعدّون على الأصابع أن يخلق عنصر التشويق في قلوب كل من شاهد هذه الحلقات ليجعلنا نتساءل عما يدور في نفسية كل من الشخصيات ولماذا لم يتضح بعد مايحصل.
فليس من السهل علينا تقبل شخصية نسرين المرأة المتسلطة في كل شيء حتى حنان الأم! وليس من المقنع أن نستبعد أو نتقبل وجود نمط تفكير وعيش في المجتمع الجزائري بهذه الطريقة على الأقل خلال العشر سنوات الأخيرة.
كما وأن للكلمات وقعها المؤثر جدا على المشاهد الجزائري، فكلمات أبطال المسلسل، وطريقة حديثهم، ونظراتهم وحركات الأيدي، وأسلوب اللباس، وطريقة المشي. كلها لها دلالات ووقع علينا كمشاهدين لم نتعود بعد على هكذا أسلوب.
وهذا يدعونا للتساؤل حقا عمن يؤدون هذه الأدوار وما تداولته وسائل التواصل الإجتماعي وبعض من كتب عن المسلسل؛ أن القائمين على التلفزيون الجزائري سلموا أكثر من 25 مليار سنتيم لعارضات الأزياء والمغنيين لإنتاج محتويات مثل هذا المسلسل "النار الباردة" ما جعل إستبعاد ممثلين محترفين عن الأعمال الدرامية وهم كثر يخلق نوعا من الخيبة والرفض لدى هؤلاء الممثلين الذين تعود المشاهد على أدائهم وأستبدل بأداء لا يستند إلى الخبرة في المجال،كما وأنه تداول ذهاب فريق العمل من بينهم ليليل بويحياوي التي أدت دور ليليا في المسلسل والمنتجة آمال جبروني للمغرب لإطلاق شارة المسلسل من هناك.
وتصاعدت تعليقات رواد المواقع الإجتماعية عن أن العمل مستوحى أو يشبه عملين دراميين الأول هو المسلسل المصري "كيد النساء"، والثاني هو المسلسل التركي "العشق الممنوع". ليبقى العمل جزائري يشبه في أحداث كثيرة بعض مما تناوله هذين العملين الأجنبيين غير أن العمل يبقى يحمل الطابع الجزائري في جوانب عدة.
وتدور أحداث المسلسل حول فتاة تأتي من ولاية تلمسان تحاول تنفيذ وصية أمها في إسترجاع أملاكهم  والتي ُسرقت منهم بعد وفاة والدهم، فتسافر إلى العاصمة وتحاول الإنتقام بأوامر من أخيها الذي يعمل عند سيدة أعمال وهي  شريكة للشخص الذي استولى على أموالهم.
وتبدأ رحلة الإنتقام على وتيرة متباطئة وتبدو الفتاة هادئة ومبتسمة في وجوه الآخرين؛ وهي تحمل همها في قلبها وكأن النار تأكلها من الداخل. تشبه النار الباردة التي تحرق دون أن تحدث أثرا خارجيا بل تتآكل مشاعرها وأحاسيسها من الداخل.
تناغم مدهش وأخّاذ يذهب بالمشاهد إلى أبعد مما تتوقعه. أداء يمثل المَشَاهِد والأحداث في الأداء الطبيعي غير المتكلف غالبا أمام كاميرا فريد بن موسى التي تلامس تفاصيل مهمة في حياتنا يغفل الكثير عن أنّها موجودة حقيقة في مجتمعنا.
وقد أدت أغنية المسلسل سلطانة الطرب فلة عبابسة وأعربت عن سعادتها الغامرة بهذه الفرصة معلقة بتغريدة على حسابها الشخصي بتويتر قائلة:" تشرفت بغناء شارة المسلسل الجزائري النار الباردة للمخرج فريد بن موسى الخاص بالتلفزيون الجزائري". وأضافت: الأغنية من كلمات الكاتبة وهيبة بوديب ومن تلحين المبدع مروان طبال.
وتجدر الإشارة أن المسلسل يعرض على التلفزيون العمومي والجزائرية الثالثة سهرة كل يوم على الساعة 21.30 مساء وعلى القناة الثانية Channel Algérie.
وفي انتظار ما ستحمله الحلقات القادمة من أحداث نأمل ألا يكون المخرج قد وقع في فخ الحلقات المتوسطة. فعليه أن يرفع وتيرة الأحداث لكي لا يحدث ذلك الملل الذي يدعو المشاهد للعزوف عن إتمام مشاهدة الحلقات المتبقية.
وتجدر بنا الإشادة لما قدمه أبطال المسلسل على غرار نسرين سرغيني، عايدة كشود، خالد بن عيسى، أكرم جغيم، إلياس بن بكير.
متعة العمل واضحة بين فريق العمل والتي نعكست على معظم المشاهدين وهذا من خلال تعليقاتهم. بإنتظار تصاعد الهدوء الدرامي الصاخب بين شخصيات المسلسل، وتصاعد وتيرة العواطف لدى الشخصيات خلال الحلقات القادمة.


No comments:

Post a Comment

الرشتة، عجينتها ومريقتها، طبق جزائري تحتفظ بخصوصيتها وأسرار طبخها وتقديمها

  تتعدد تقاليد الأكل الشعبي في البلدان عبر العالم، وهذا بحسب التموقع الجغرافي والتمازج السوسيولوجي والأنتروبولوجي، مما يدخل في مكونات الطعام...