Saturday, 11 January 2020

في تلك الساحة



في تلك الساحة كنا نجلس مترنحين، نشاهد أولئك الباعة


المتجولين الذّين تلفح الشمس وجوههم، فتتحوّل وجناتهم إلى لون الرمّان الذّي كانوا يبيعونه  على مقربةٍ من هنا.
وليس ببعيد من تلك الصناديق الجميلة المعبّقة برائحة الرمّان التي صفها ذلك المسّن أمام سجّادته الجميلة المرتّبةِ، معلنًا بذلك حالة التحام بين صوت المؤذن وهو يردّد حيّ على الصلاة حيّ على الفلاح! إنها مناجاة لا يفهمها سوى أولئك الكادحين الذّين يقتاتون على ابتساماتِ العابرين.



ولمّ تكن تلك الشّجرة التّي تتوسّط السّاحة سوى أمٍ رؤوم تحمي صغارها من لفح الحرارة وصقيع البرد القارص الذي يخيّم على الشارع، وتتغيّـر أوراقها وثمارها عبر الفصول؛ تذكِّرنا بحالاتٍ عدّة نمر بها: الفرح، والحزّن، النّجاح،ٌ والخيّبة. ويبقى ذلك السّحر المكّتنز في تلك الثّمار المتساقطة على الأرض الباحثةِ عن فرصةٍ للحياة في مكان ما على هذه الأرض.

عن العراق كتبت

عن العراق كتبت




تغير كل شيء بعينها ،اصبحت لا ترى غير السواد والظلام القاتم، وتراكمت احزانها ولم يعد هناك سوى بقايا من حطام، أمل كان قد أشرق ذات يوم وازهر، اصبحت تسافر في متاهات الصمت الاخرص ،اجزاء متفرقة من الاماني وشيء من بقايا وركام .. كان الحب لها المحرك والدافع لاستمرار نشاطها وسعادتها تعيش مسرورة، بسيطة.. ذات يوم من ايام الربيع ،كانت تجلس بمفردها تعيش امانيها وحدها وتتصارع مع امواج الهموم التي لم تشا الانسحاق في زمن الحرب والدمار ،والتي تقذف
حممها على الارواح البريئة فتقذف بها الى الكلاب المسعورة والنفوس القذرة...
تعجز لغة القلم عن التعبير بل تكفي فقط لغة الرصاص والقنابل،ترتمي الذكريات بين احضان الالم وهناك تستلقي القصائد على نهر دجلة لتنسج خيوطا ذهبية من الاحلام الممزوجة باهات وانات نفوس ضعيفة مرهقة اتعبها الحصار وتشتتها افكار السلاح المحضور ،نلتمس بل تتضح لنا جليا معاني الحزن والاسى في كل واحد يعي حقيقة الوطن والوطنية ،اجنحة متكسرة هنا وهناك ،ويتحطم الحلم ،تنتحر الحقيقة وتسقط مدينة السلام بغداد بني العباس.
انتهت ماساتها الاولى لتبدا الثانية وربما ستكون هذه الاخيرة اطول مدة من الاولى ،تحطمت مدينة العلم،مدينة الحضارة والعراقة مدينة الفصحى والاصالة .
مدينة الشعر والابداع ،المدينة الزاخرة بتراثها،المدينة التي تقدس فيها النخلة ،النخلة الرمز ،رمز الحب والعطاء ،رمز الحضارة والعطاء الزاخر.💕
 ربيعة حجوج

قِدر تتكلّم

وضعت اللحم في قدر وتركته ينضج على نار نوعا ما قوية ظنا مني أنها متوسطة... وذهبت لأصلي صلاة المغرب، وأطلت المكوث وأنا أصلي. فقد كنت قد تذكرت أن عليّ دَينُ فرضين لصلاةٍ كنت قد تكاسلتُ عنها في الأيام القليلة الماضية.

المهم أنني قد إسترجعت ضميري المغشي عليه، وأحسست بتأنيب نفسي المؤمنة، فأردت الخشوع ومحاولة الجلوس بين يدي الله مكسورة مذلولة أملا في أن أحضى برحمة من الله عز وجل. ونسيت اللّحم، قلت في نفسي الماء كافي ولن يحصل شيء.


أتممت صلاتي وزدت نافلة الركعتين، سلّمتُ ودعوتُ اللّه ثم سبّحتُ قليلا ونهضت.

وفور إتجاهي صوب المطبخ إنبعثتٌ رائحة إمتزجت وتداخلت مع روائح البيت المختلفة التي إستنشقها أنفي الذي يعاني من نزلة برد سبّبتها حساسيةٌ للجو منذ أسبوعين.
ركضت إلى المطبخ وقلبي يدق بسرعة ونبرة إمي التوبيخية تدور في مخيلتي.
ويحي ماذا فعلت!!؟ كاد اللّحم أن يحترق لولا ستر الله...
أوووف تنفّستُ الصعداء بعد أن أطفأت النار على عجل وأنتشلت القدر _ لا أعلم كيف_ من على منصب الموقد، وأرحت قاعدته على مكان بارد...
آه لو كانت أمي هنا لأنهالت عليّ بكلمات أمقتُ بعدها المطبخ وأحرّمُ دُخوله لأيامٍ معدودة.
الحمد لله إلتصقت الأطراف فقط مما يوجد في القدر، واللحم سليم لم يحترق، غيّرتُ القدر وأزلت أثار الإحتراق بسرعة، وتذكرت حينها أن القدر يشبهني، إنه كاد يحترق لولا أن شممت الرائحة وركضت، هكذا أنا لولا عناية الله عز جل لكنت قد إحترقت.!!
https://pin.it/4B9VItY

فليس من السهل جدا أن أكون قد أكملت عاميّ اثالث والثلاثين وأنا لازلت هاهنا أتنفس غبار نافذة غرفتي منذ ثماني سنوات كأنني أشبه تلك القدر التي أفرغتها للتوّ من آثار الإحتراق.
إنها تشبهني فقد أفرغت من كل شيء إيجابي قد زرع يوما ما بداخلها وكأنها تنتظر أن تباع في سوق الأشياء القديمة أوترمى في قمامة الإهمال ليس ببعيد عن مطبخ كانت تزيّن أحد رفوفه وهي تتربع على عرش الزهو، ضاربة عرض الحائط كل الأفكار المثبطة الواهية. لتجد نفسها شخصا لا يحظى بفرصة للتعبير عن نفسه ورسم خطط لتحقيق أحلامه على أرض واقع موحش!
هكذا أنا إعتقدت للحظة أنني أشبه تلك القدر المحترقة التي إلتهمت مابداخلها نيران الموقد كما إلتهمت نيران العبث بقدرات الناجحين والموهوبين وهم كثر.
فأصبح ينظر إليهم وكأنهم قدور فارغة خالية من أي نشاط يجعلها تعمل أشياء إيجابية نافعة لها ولغيرها في هذه الحياة، وتستسلم لشيطان يلهيها  عن غايتها من الوجود، فتبتئس ثم تكتئب ثم تنهار، ثم تصبح خرقاءا تتحرك في إتجاه واحد كالمومياء نحو الهاوية.
#أن_تهمل_صلاتك_وعباداتك_وقربك_من_الله__وتنسى_أحلامك_وطموحاتك_فقد_تحترق_كما_القدر_المنسية.

Friday, 10 January 2020

رسالة إلى ضمير مجهول





السلام عليكم أستاذ ضمير
اليوم إسمح لي أن أتكلم عن محطات في حياتي، وبإعتقادي يحق لي ذلك.
كنت طالبة في كلية الاعلام، وأنت كنت ضيفا زائرا لجمعية من الجمعيات التي كنت أتردد عليها.
يومها كما قلت لك كنا لانزال طلبة، ولدينا طموحات أكبر من عدد سنوات أعمارنا، كنت في بداية مشواري الجامعي، وبالكاد أعرف عنوانا أو إثنين عن مؤسسات الإعلام في بلدي، كان شغفي كبيرا بالإعلام، لدرجة أنني لم أفعل شيئا سوى البقاء حالمة علّ وضعنا يتغير في بلادنا، وكنا نصغي جيدا لكلماتك وبداياتك في الاعلام، كنا ننصت بفرح يملأ قلوبنا، كما تملأ خيبات الامل حالنا اليوم، نعم يا أستاذ أنا الان بعد تسع سنوات أو أكثر لازلت في مكاني لم أتحرك قيد أنملة _ أعيش في بلدة تبعد عن مقرّ ولايتي بأكثر من 60 كم، هذه الولاية التي لا تملك سوى الإذاعة الجهوية كصرح إعلامي محتكر من جهات عدة وأصر على قولي إذاعة محتكرة.
لن أقول الظروف، لأن كلمة الظروف لا يقولها إلا عاجز، وأنا أكره أن أنعت حالي بالعجز والضعف، ولن أقول شيئا آخر غير ربما لم يحن الوقت بعد، لكن ومن خلال عملي المتواضع اليوم جدا والذي هو في الحقيقة هواية أكثر منه عملا يجلب لي قوت يومي.
غير أن شهادتي التي درست من أجلها بعدد خفقات قلبي، وتخصصاتي في الإعلام، والتجارة الدولية، لم تقنعني أبدا في الاستمرار في عمل لا أحبه، ولا يعبّر عن طموحاتي تلك، وعن شخصيتي التي بنيتها من خلال حبي للإعلام.
فقد عملت يوما بائعة في صيديلية، ومندوبة مبيعات لسلع تُعرض على قناة تلفزيونية، أكرر سؤالي مائة مرة في الدقيقة حتى يستطيع الزبون الإقتناع بشراء سلعة لا أعرف مكوناتها بالضبط!وعملت في مكتب أدوّن مَن دَخَل ومن خرج، وأكتب أرقام الوثائق التي تمر على المسؤلين مثل الروبوت لا أفقه فيها شيئا، وأتحمل غلاظة التافهين ممن يترددون على المكتب لطلب وثائقهم، والإستفسار عن أمورهم، ومصالحهم، يحسبونك سلعة معروضة، فتبدأ عقلية السفهاء تظهر على محياهم، وتفضحهم نواياهم الخبيثة، فأضطر للتكشير عن أنيابي، وتلطيخ وجهي باللؤم حتى أبدو قبيحة، وينصرفون خاليّ الوفاض.
كما أنني عملت مساعدة طبيبة بيطرية، وعرفت كيف تُخنَق فراخ الدجاج ليتم تشريحها، وكيف أمسك بخروف صغير مصاب بحمى، يتبوّل على مئزري، فيتسرب بوله إلى ملابسي.
لكن لم أستطع أن أفعل شيء رغم كل هذا، لم أستطع أن أعمل في الراديو الذي حلمت بترديد صوتي داخله وأنا أستمع إليه في صغري حين كنا لا نملك سوى الراديو، يصدح في البيت في الصباحات الهادئة في قريتي، على رائحة القهوة والخبز التقليدي المعجون بدموع أمي التي كانت تتعب في تربيتنا! وتتحمل ما تتحمله من وضع مزري عشنا فيه في البلدة الفقيرة، مثلي مثل الكثيرين من جيلي وقبل جيلي وبعدهِ، في الجزائر العميقة، رغم غنى بلادنا!
أمي التي كانت تقسم قطع الخشب الكبيرة إلى نصفين، لتوقد لنا مدفأة الحطب في أيام الشتاء الباردة جدا، وثلج جرجرة يلوح لنا ببياضه، تضرب وتتألم للوضع، فقط حتى لا يجوع أولادها ولا يشعرون بالبرد! وحتى تستقبل أبي المتعب من محن الدنيا بإبتسامة لم تفارقها، حتى آخر يوم تكلّم فيه قبل وفاته، قال لها إجلسي وسألها هل نحن متسامحين؟ "ياخي السماح بيناتنا".
فردت: "إيه السماح بيناتنا" فأبتسم وأبتسمت، وبكيتُ أنا في داخلي لأنني عرفتُ أنها لحظات توديع لمحبَيّن عاشى مع بعضهما خمسين سنة، لم أشاهد من نصفها شيئا سيئا من أبي تجاه أمي، أو من أمي تجاه أبي.
فكنت أقول مادام كل هذا الحب، وهذا الخير في أهلي، لمَ بلادي مليئة بالخبث والشر والحرمان، وفي بلدي آلااف الرجال مثل أبي!!! كنت ولازلت أطرح نفس السؤال إلى اليوم، وأتعجب من عدم وجود جواب لسؤالي.
أتعرف يا أستاذ؟! السبب الذي بحثت أنا عنه، ، وجدته مكتوبا في مقال لك ذات يوم بالجريدة، وعرفتُ أنّ السبب هم "العڨاڨن"الذين تحدثتَ عنهم، نعم وبكل إصرار هم سبب دمار أحلامي وأحلام الكثيرين ممن لم يجدو مكانهم في بلدهم، الذي من المفروض أن يحتضن قدراتهم وطموحاتهم!
وما أملكه سوى الدعاء علّ الله يحدث بعد هذا أمرا، لكن إلى متى، من أصبح في العقد الثالث ولا يستطيع الحصول على أدنى حقوقه ماذا نسمية؟ بطّال!!!
فقط نتحدث عن حقوقنا، واحتياجاتنا كبشر، لم نتكلّم عن الأحلام والطموحات!
أنا أقترح أن يطلقون علينا تسمية"ضحية عڨون".
فعلا بلادنا ليست بخير، قرأت ذات مرّة خبرا مفاده أن أمرأة في إحدى الدول الغربية، رفعت دعوة قضائية في حق الجامعة التي تخرجت منها، بسبب أنها لم تحظى بعمل بشهادتها من تلك الجامعة خلال ثمان سنوات! ماذا نقول نحن؟ أخبرني يا أستاذ ضمير بربك! ولتقنعني أنني على خطأ إن قلت أنني لا أحب أي شيء في الجزائر، لا جامعة ولا إدارة ولا تلفزيون ولا أي شيء.
ونصبو لنا أعيادا ومناسبات الثامن مارس ويوم الفتاة، وصاحبة الضحكة المجروحة، أي تفاهات هته التي تتكلمون عنها.
أي أعياد هذه التي يتحدثون عنها؛ ومواطنة في عقدها الثالث تحمل ثلاث شهادات لا تجد حتى حق *بليغة* تلبسها فالدار!!!!!

رأيتك في منامي


في هذا الصباح ليس اليوم فقط بل اليوم وأمس والشهر الأول من الحبّ.

وكان حلما جميلا جمعت فيه ألواني وأقلامي ودفاتر كلماتي ولفيّت الشال على رأسي وغطيت جدائلي، وخرجت مضطربة أبحث عن لون عينيك في طرقات المدينة وأزقّتها.
فصمتك يُرهب المكان، وكلامك يُرقص سنونوات الخريف.
الوقت: صيف حزيران ساعة الصبح، الجو: هادئ بلفحة خريف تشرين الأول ساعة الصبح أيضا!
وكنت أنا وكنت أنت، ولم نكن كِلينا. وأضطررت لأن أفتح دفاتري لأفتّش عنك بين شخصيات روايتي فلقد تركتها أمس تنتظر إحداها موعد لقاء حبيبها!
هل التقته ياترى؟ هل سكنت مخاوفها وهواجس الليل التي صنعت لها دوارا دائماً كل صباح!
تفكّر بلملء قلبها عن تلك القناديل التي كانت تحتفي بالضوء أين اختفت!؟
ويمّر طيفه هو تارة مبتسما وتارة يحدّق في نجم كان قد اتّخذه بوصلة للعبور.
وتلك النُجيمات تلاحق طيفه مبتهجة غير آبهة بوجودها كأنها ظل!
أتُراه تعمّد ذلك أم أن شرّيرات الحكايا القديمة لجداتنا قد تَحرّرن منها ووجدن أنفسهن هنا بين دفاتري!
لا أدري. لست متأكدة من وجودهن، فمرة يصبحن وديعات مضيئات كنُجيمات! ومرة يتحوّلن إلى راهبات يتخفّين في عباءة الفضول المقيت الحاسد! ومرات يصبحن عرائس قراقوز يرقصن بشق مائل أعوج مثل وجوههن البشعة!
وجلست أقلب صفحات دفاتري ربما أجده نائما على عشب أحلامي، أو مستلقيا أمام نهر تخيلاتي! أو راكضا بين حقول ابتساماتي الصاخبة التي تعجّ بالألم.
فوجدته ينظر إليّ بسكون مطبق وهدوء مريب. لم يخفِ عني ذلك؛ لكنّني أدركت أن الحياة تحاول جرّه إلى مالا يريد. وحين رفض ساومته بما يملك!
هل سأكون أنا؟.. لا، لن يحصل هذا. لن أسمح لشخصيات رواية أنا أخطها بيدي أن تتمرد بأفعالها وأسكت.
ليس من طبعي أن أسكت عن أي شيء أراه لا يناسب ما يقوم عليه تكويني من قبلك ومعك!
لا لن تفعل ذلك..قلت له ذلك وأنا أسحب ذاك الحزن المخيف، وتلك النظرات المريبة من تحديقات عيّنيه وملامح وجهه.
فعلتها نعم. وسأواصل ذلك غير آبهة بأي ألم مؤقت، وسينتهي هذا الشتات.
فروايتي لا تحتمل لا شريرات حكايا الجدات ولا إغواءت نجيمات الهوى اللائي لا يردعهن شيء سوى امرأة قوية مثلي!


صبيّه اللاّرنج



وأنا أنتظرُ قدومكَ كفجرٍ مُبلجٍ جَميلْ.


وأسهر  ونجوم المساءِ تُغَازلُ ضحكَاتِنا وتغفو على نسمات ربيعٍ تشبه الياسمين الدمشقيَّ عطراً ودلالاً.
هكذا سأضلُّ أكتبُ لكَ ولنْ أملَّ ولآخر شهقةٍ مخْنوقةٍ تخرج من صدري وأنا أتنفسُّ شوارع المدينة القديمة مرورا بقاسيون وصولا إلى المدينة التي لا تنام ولا تعرفُ الكُرهَ، وأتذكَّرُ معنى إسمها كلما أضاء القمر سماءَ ليلها المخمور بنشوة حبّ صادقة تملأ وجوه الشيوخ هناك.
جرمانا الرجال الأشداء والقلوب المعلّقة بساحات العشق الأبدي الذي راح يترنّحُ على أطراف المدينة يبحث عن نيزك جميل يحمي تلك العذوبة التي أنتابته كلّما تذكّر حيّا من أحيائها وبكى لهفة لإحتضان شرفات منازلها العربية العتيقة التي تحكي قصة جرمانوس وما فعله اللارنج بصبية تسرّحُ شعرها على ضوء قنديل خافت وهي تفكر بحبيبها الذي يسكن في الطرف الثاني من المدينة.

وجاء.. الذئب


   


  بدت الضيعة  هادئة ..هدوء النفس في وحدتها وبدا البيت في وسط الضيعة تملؤه السكينة، كان كل شيء يبدو على ما يٌرام، انه سحر الربيع ونشوة الاخضرار في وسط طبيعة منحها الله كل آيات الجمال والهدوء والصفاء، كنت حينما أتفقدها وأروح وأغدو بين جَنَبَاتِها أنسى كل هموم ومهالك المدينة، لا أنسى أنني كنت حين أغرق في غيبوبة القلق وأتنفس عفن الضجة والزحام، وتتكالب عليّ أفكار الغطرسة والشرور، وحينما تتآمر السخافة والأحزان على نفسي المشبوبة، اهرب بكل حب إلى ضيعتي، وأنفذ بجلدي كي لا أصاب بحمى الهلوسة وسط الضجيج، أجد الضيعة الحنون تفتح ذراعيها لملاقاتي وتفرح الأزاهير وتنبلج الشموس فرحا بقدومي، وترقص الحقول والتلال وتترنم الأشجار بهجة وسرورا، وتغرد الطيور في السماء وفي أوكارها. تزهو لأنها تشتم رائحتي فهي تحن للقاء الأهل والأحباب. 
الوادي والهضاب وكل شيء يتنفس غبطة وسعادة، ليتني أبقى دائما هكذا فرحة سعيدة، وليت الحقول والوديان والأشجار والأزهار تبقى مترنحة بقدومي.. وبسط الربيع على الحقول أزاهيره فكأنك ترى فراشا مزركشا بألوان بديعة تفتح لك شهية البوح بكل ما هو جميل.
لم يكن هناك شيء يدعو إلى الخوف، كل شيء كان يبدو هادئا حتى في ظلمة الليل، يا الله هذا الهواء المنعش حينما تجود السماء بحبيبات الكريستال الجميلة شعور رائع لا يضاهيه شعور، هدوء وسكينة، تشبه وقار الرجل في وحدته وهيبته. كنت حينما ينزل الغيث تتبلل التربة وترقص حبات الماء فوق أوراق النباتات والثمار اشعر برغبة شديدة في الغناء والمرح كما فراشة. وكأنما الاضطراب وعدم الثبات ألقىَ بسلاحه ورفع رايات الاستسلام، ولكن رفعها بكل حب وفي جو يملؤه الأمان.
كنتُ ولازلت دائما أبحث عن الراحة والهدوء وكأني بروحي تأبى الصراع، وكأني بقلمي يمقت تدوين الماسي، وكأني بنفسي تهرب من كل ما هو داعٍ للفوضى والقنوط!
كلما حاولت الكتابة عن الماسي تبدو لي كتابتها شيئا مقدسا، حاجة لابد منها ورغم ما تحمله من مرارة وشجن إلا أنني أحاول الكتابة بشغف وبشيء من المتعة علُّ هذا يخفف وطأة الأحداث والماسي تلك، وأجدني أنقاد إلى الكتابة وخط سطور لم أكن يوما لأتخيل أحداثها لولا عظمة ما يحدث، وفي تلك اللحظات من الانقياد إلى مملكة البوح يعتريني شعور الحب والترحاب والتقديس ولا يخالط أيُ شعور آخر نفسي فتنغص علي تفوّقي وانتصاري على ماسيَ وانكساراتي! 
أحبُّ.. أحبُّ كل شيء في ضيعتي هته، ضيعة الأب والأجداد، وأسطورة الحُبّ والإصرار، حكاية الصبر والتجلد، اختزال التاريخ والحضارة، ألف حكاية وحكاية عن نواعير الحب وسدود العشق وانهار الجمال وقلاع الثقافة والعزّ.
هي ضيعتي ومحرابي الذي أضيع فيه وأفرغ جنوني وغضبي، والمحفّز الدائم لنجاحي وفرحي، والسحر الذي أستمدّ منه قوتي وقوة طموحاتي.
أبي الذي وبحكم تجربته الطويلة والزاخرة، وحكمته التي ألفها في والده وأجداده، الأب الذي ألّم بكل أسرار الغابة والحياة الصعبة في كنف الطبيعة الهادئة الثائرة في ذات الوقت. الطبيعة التي واجهوها آناً، وتغلبت على خبرتهم آناَ آخر.
بدا الهدوء في ذلك اليوم تعتريه بعض الغشاوة غير المفهومة وربما تلك السكينة تنبئ بحدوث شيء ما، والحياة رغم ذلك تدبّ داخل البيت المتواضع في وسط الضيعة.. وفجأة تغيّر كل شيء في لمحة بصر.. وأنقلب ذلك إلى الهدوء إلى فزع وتلك السكينة إلى خوف، بل إلى الرعب خاصة وأن الموجودين في البيت لم تعد لهم القوة على مواجهة مثل هذه المواقف بكل تلك الشجاعة والإصرار والتقدم الذي عهدناه فيهما.


مرَّ أسبوع على تلك الحادثة التي أحدثت ضجة في نفوسنا وجعلتها حديث الساعة لأيام عدة، والكل يبدي أرائه ومواقفه.
.. وجاء الذئب.. ولم ينتبه لمجيئه أحد، لأنهم لم يتوقعوا غدره ومداهمته، دخل الجاني على نفسه، وأستغل ذلك الهدوء وقام بفعلته الشنيعة والتي تعد بطولة وانتصارا في نظره لأنه حَضِيَ بصيد وفير هذا اليوم، سبعة من الحمل، الحمل تلو الحمل، يشقُّ هذا وينبش ذاك، حتى أردى الكل ققتلى
 ولم يُسمع سوى أنينهم في رحلة الموت بأبشع الطرق، من أين ابتلوا بهذه المصيبة يا الله! لعمري كانوا مبسوطين بين أحضان أمهم الرحيمة الرؤوم، كانوا يُؤنسون أصحاب البيت، حتما انك تشعر بالأمان وهم يحيطون بك.
وجاء ابن الغدر وغدر بهم، فلم يُجدهم التضرع ووجدوا حالهم محاصرين راضخين مستسلمين لبشاعته. يا له من ماكر خدّاع! يأتي على الفريسة فينقضّ عليها، ولا يرحمها، وكأنه خرج من سجن قضى فيه نصف عمره جائعا، وكأنه رهينة رُهاب نفسي خطير، مدمر مُنِعَ فيه من المأكل والمشرب والحرية الزائفة، وكأنه جُبِل على الغطرسة والمباغتة والغدر.
وعمت الفوضى سكون الضيعة والهدوء وانتاب الكل مرض الاشمئزاز من ابن الغدر، يخرج من هنا، لتجده هناك، ويختبئ كاللص هنا ليداهمك هناك، ويغفل تارة فتظن انك ظفرت به، ليفاجئك بمكره تارة أخرى.
وهكذا منذ وقت العصر وحتى المغرب وحلول الظلمة وبعد أن أسدل الليل ستائره على الضيعة الهادئة  وصاحب الفعلة الشنيعة لا يزال يساوره أمرٌ ما لم يفهمه احد من أهل ذلك البيت الهادئ في وحدته، والأنيس بوقاره، كان يبحث عن شيء ما، لكن أحد لم يستطع فهم غايته لينظر وينظر ولا تفهم نظراته، قاومه الجميع كما تقول أمي، ولكن هيهات أن يفهم بأنه لا مكان له وسط هذا الهدوء والطمأنينة.
ضُرِب بالعصا وتكسّرت نصفين وما أثر فيه ذلك! ثم ضرب بالقادوم ولم ينته ؟ ترى ماذا يريد بعد هذه الحرب الشعواء التي شنّها على نفسه؟
ألم يفهم بعد أنه لا مكان له هناك، بل عليه ألاّ يعيد الكَرَّة مرة أخرى، كان وجهه كله ملطخا بالدماء، كان يمشي وكأنه أصيب بداء الكلب فأخذ بعاقلته وجعله كالمجنون يموج بين الحقول تلطمه الأحجار مرة، يغلبه غباءه وتطفّله مرات!
هذا الأبله ترى ما الذي جاء به إلى هنا، إلى حيث راحة النفس ترتاح، وهدوء الليل يهدا، وسكينة الروح تسكن وتطمئن!
تعجبُ حقا من مراوغته، يذهب بحملٍ هنا ولا تلتفت حتى تراه يأخذ الآخر هناك، فكيف لك أن تلحقه وما هو سبيل ردعه؟ فأنت تلمحه أمامك وما إن تغفل إلا وأنت به يداهمك من الأمام وكان الخوف الأعظم أن يصبّ جامَّ غضبه وغدره على أصحاب البيت البسطاء، فكان الحذر الشديد مطلوبا، وكانت الحيلة في ردعه أو النيل منه المطلب والمرام. والخوف الشديد كان على تلك الخراف الصغيرة المتبقية، وعلى تلك المخلوقات الوديعة الأخرى.


الأم تلك المرأة الصابرة والمثابرة بحنوها يملا الكون بهجة، وبعطفها ورقّتها تملا الدنيا مرحا وغبطة، أعلم أنني إن قلت كل كلماتي وأفرغت كل ما في جعبتي فلن أوفيها ولو الجزء القليل من الجزاء والشكر.
جاء ابن الغدر فكاد يحيطها بخسّته ونذالته، ليته كان يعرف مدى رقّتها ورأفتها، ليته يعرف طيبتها وحنانها. لكنه أحمق وغبي.. طبعا ابن غدر.. وله يسعى!
كم تمنيت لو كنتُ حاضرة يومها، حينما كانت تحكي لي أمي عن تلك الحادثة، وماذا أوقعَ في نفسها ذلك الموقف، وعن تلك المواجهة التي تركت أثرا في نفسيتها، موقف أو مواقف مثل تلك تعقد اللسان، وتشل الأعضاء والأبدان، وحقا هذا ما حدث لامي، لأنها ولا مرة في حياتها، وبالرغم من أنها تربت في الضيعة منذ أن كانت عامرة بالأهل بالآباء والأجداد ولم يكن يجرؤ ولا حيوان أن يقترب، كان الذئب في زمن طفولتها وشبابها لا يقف وجها لوجه مع أهل الضيعة، بل يبقى بعيدا ولا يتجرا أبدا على الاقتراب، ولا يحاول أبدا أن يعبث لأنه سوف يلقى حتفه ويكون مصيره أسوا مصير، لكن ترى ما لذي حدث هذه المرة؟ كيف استطاع الذئب ابن الغدر أن يدنو قاب قوسين من أمي؟ أين ذهب خوفه؟ ربما زمن عمر بن الخطاب ولّى فعلا، ولكن أإلى هذا الحدّ ذهبت بركة هذا الزمان، تحكي أمي كيف وجدت تلك الخراف المسكينة  مبقورة ملقية على الأرض؟ أ لهذا الحد تجرأ الذئب على الاقتراب من البيوت الآمنة البسيطة، الهادئة في وحدتها وسعادتها ولم يكتف بفريسة في الغابة أو خروف ركب رأسه وشرد عن أقرانه ليلقى حتفه ويكون مصيره تحت رحمة هذا ابن الغدر؟ّ 


ورغم كل ما حدث.. إلاّ أنه أخذ نصيبه من الضرب والتنكيل فعاد يجرّ أذيال الخيبة والهزيمة ويتجرّع مرارة الذنب والاشمئزاز منه، ويقتله الجوع مرة أخرى ويعذبه عدم الحصول على غنيمة، فيرجع خالي الجنبين فارغ الوفاض دون أن يحاول التفكير أو حتى الحلم مرة ثانية في الظفر بصيد أخر لأنه لا مكان له بين السكينة والهدوء، لا وطن له بين الألفة والمحبة والفرح. ولا يمكنه أن يعيد الكرَّة فهو يعي حقيقة ما سينتظره إن تجرأ وعاد! ! ! 

قلبي مليء بالشجن





قلبي مليء بالشّجن...
خائف وجِلٌ مهموم مربوط لا يَكُّنّ.
ليّته يخرج يوما من جسدي...
وما كنتُ لأعيش هذا الزّمن.
قلبي يتقيّأ تُخوم الوهن...
ليّته ينشقُّ نصفين..
وما كنت لأراه هكذا تقتله المحن.
قلبي معبّأ بقذارات الوطن...
والعمر غُربة والحُلم غَدَا مُرًّا كالكفن.
قلبي مليء بالشٌجن...
قابعٌ خلف ابتسامات خجِلة.
يستّترُ هاربًا من لؤمٍ، من خيّبةٍ، من حزن.
لم يَعُد قادرا على حَملِ رِجلاَيَ.
لَم يَعُد يَحيَا، كأنّه لم يكن!
دقّاته تئِنُّ لا هَدأةٌ بها
تبوح للوجُوه أنّه لا خافِقٌ ولا وَسَن.
قلبي قد أصَابه داءٌ وعَفَن...
والطِّبٌُ يَعجَز أحيَانًا ويُصِيبُه الوَهَن.
قلبي مليء بالشّجن...
ياغُربتِي، يامَوتِيَّ المحتَّمُ كفّي أذاكِ...
فقلبي ميّتٌ، لا مؤنسٌ في وِحشَة ولا مَعن.
والبيّت منخورةٌ أركانُه بسوسةٍ غريبةٍ.
مسلٌَطةٌ على أيّامنا في السِّر والعلن.
والشّمس تحتجبُ خوفا ورَهبةً...
لا قوٌَةٌ، لا سُلطةٌ، لا وَرَعٌ يُهدهِدُ نومها الثَخن.
يا قِبلَةَ البوّحِ القاصية اقتربي...
وقفي هاهُنا وأسّترقي سمعَكِ المبجٌَلَ...
فقلبيَ المُعذّبُ مليء بالشجن.

وسام شرف



وسام شرف
سَجّل نحنٌ العربٌ؛
حوارنَا صخبٌ ...
  كلامنَا عتبٌ...     
افراحنَا شغب ...
دموعنا لهبٌ...   فهل تتعبْ؟
سجّل نحن العربٌ؛
قٌلوبنا اغوارْ ...
بٌيوتنا اسرارْ ...
احلامنااسفار ...
نِداؤٌنا تكرارْ ...  فهل تتعبْ؟
سجّل نحن العربٌ؛
طٌقٌوسنا غريبة ...
عاداتنا رهيبة ...
ثقافتنا عجيبةْ ...
حياتنا رتيبة ...  فهل تتعبْ؟
سجّل نحن العربٌ؛
أموالنا طائلة ...
قٌلوبنا مائلة ...
عقولنا خاملة ...
افكارنا زائلة ...  فهل تتعبْ؟
سجّل نحن العربٌ؛
اِرادتنا مسلوبهْ ...
طٌموحاتنا مغلوبهْ ...
ثَرواتنا مطلوبه ...
اتّفاقنا اٌكذوبة ...  فهل تتعبْ؟
سجّل نحنٌ العربٌ؛
قوتنا شتاتْ ...
ضمائرنا رٌفاة ...
فِطنتنا هه هيهاتْ ...
تاثٌّرنا دمعاتْ ...  فهل تغضبْ؟
سجّل نحنٌ العربٌ؛
نعيش بلاَ املٍ ...
نحلٌمٌ بلاَ عملٍ ...
نَلْهٌو بلاَ مللٍ ...
نسيرٌ بلاَ عقلٍ ...  فهل تغضبْ؟
سجّل نحنٌ العربٌ؛
تضامٌننا مغشوشْ ...
اخلاصٌنا منبوشْ ...
آراؤٌنا عهنٌ منفوش ...
اِدّعاؤٌنا لونٌ مرشوشْ ...  فهل تغضبْ؟
سجّل نحنٌ العربٌ؛
نٌحاولٌ النهوضَ بالتحديْ ...
نٌقابلٌ المعاناةَ بالتصديْ ...
نٌواجهٌ المَأْساةَ بالتجلدِ ...
نَضْرٌخٌ عالياً،نٌلوحٌ بالايدي ... فهلْ اغضبْ؟
سجّلْ نحنٌ العربٌ؛
نرسمٌ ابتسامةً بالوجه عَريضة ...
عَزاؤٌنا الصبرٌ رغمَ القلٌوبِ المريضة ...
ابتلاؤٌنا سنةٌ من اللّهِ وفريضة ...فهل لاَ تغضبْ؟
...وسجّلْ نحنٌ عربٌ.
                  
                                                 بوحٌ القَلَمْ ..ربيعة

كيف يُمسي الدمع عطرا في فلسطين!




يسألني بربكِ أين أهلي؛ لماذا ذهبو، وأين حلّوا؟
لمَ لم تُعرف لهم درب؟ أقول وأنا باكية:
فلسطين زاد نزيفها؛ وكبُرت جراحها وعظُم ألمها.
فلسطين طفلة بريئة، أُخذ منها حقها، وحرمت من فرحتها .
فلسطين تلملم الجراح ويُدفن الحلم .
تتمادى ألحان العذاب في قلب القدس، وجنين، ويتجرد الوجود من الإنسانية، تتلاشى معاني الحنين؛ فثلج شتاء هذا العام لونه أحمر في فلسطين، وككل عام تبكي الأمهات بحرقة، ويقطف العدو زهر الشباب في كل شبر من الأرض المباركة، والعالم صامت يرقص منتشيا في ملذاته!
ويكبر اليأس، يختلط بآهات الأنين، تئن الأمهات، يتململ صوت الحق متأثرا بجروح الكتم والخنق!
تنتشر رائحة الموت هنا وهناك، بل في كل ذرة في المكان، ولا أحد يأبه، تعمّ رائحة الحقد الدفين.
تمر أيام الشباب والكهول والنساء والأطفال ثقيلة، بطيئة، يغلبهالحن الجنازة الحزين، تحفُّها الوجوه العابسة المتململة في التراب والطّين.
الشمس على وشك الغروب في فلسطين، وأيادٍ صغيرة سلاحها الحجارة السجيل، تخرج عن صمتها، تنهج جبن العدو بعزيمته، وتقتل جبروت المحتل بإبتسامتها وسط الدموع والنار والدخان.
سألني، وراح يعزف لحن الغضب في كل مسامات الجدران


وكانت النوتات مزيج صاخب من همس الأمهات في ليل حالك تبحث عن صغارها وسط ركام وحطام بيتهم الصغير!
فيتحول الشارع الى مقبرة لآهات قلب مليء بالأشجان.
- أمي لماذا غرقت السفينة، وثارت حمم البركان؟
أشاهد فلسطين تحلم بالفرح ... سرقوا من اطفالها الأعياد والمرح.
أبكي.. أسجد دامعة العين، عميقة الجرح، بروح تنزف.
وأشيخ في شبابي، تصرخ روحي بدون صدى، وتقبع أعماقي في اللاأعماق، ويكبر حزني حين تكثر الاسئلة دون شرح.
مراسم الخراب والدمار تقام كل يوم، دموع آهات ،تحسرات ،ووديان دم!
وأراك فلسطين، عظيمة رغم الألم، صامدة رغم الجراح.
تحاصرني الذكريات وأنا أشاهد مواقف الظّلم.
- كيف يغدو الحق ظلما في فلسطين؟!!
أخبروني كيف يمسي الدمع عطرا في فلسطين.



مالم نتحمله في أوطاننا.. غرباء




مكتوب على جباهنا الذل 
في اليوم الذي قررت فيه هته الحكومات البائسة في وطننا العربي، المسلوبة كرامته، أن تصبح تابعة لمن تسمي نفسها دولا كبرى، تتولى  سيادة العالم، وتنسى تاريخها، ومجد أمتها، وبطولات شعبها؛ - في ذلك اليوم قررت - أن توقع وثيقة موتنا ببشاعة، وإستبداددنا بوحشية.
لم تدرك هته الحكومات الضالة، ولن تدرك، أنها ماعادت تملك من زمام الأمور شيئا. وأنها كلما تنازلت، كلما وصلت للقاع! وكلما كانت الوقعة أشد وأعنف على شعوبها العظيمة، التي باتت لا تساوي كرامتها جناح بعوضة، أو ما فوقها.
إننا أمة لها تاريخها، ولها ماضيها، وسيكون لها مستقبل فاتح ذراعيه لأبنائها حتى يكتبوا مجدهم بأنفسهم إن أرادوا ذلك.
غير أنّ الحاضر مسودٌ ومخزي! ماذا سيحكي جيلنا لجيل أولاده وأحفاده، هل سنستمرّ في البلاهة والتبعية والفساد؟! ونقول لقد وجدنا أبناءنا على هذا النهج فأكملنا نحن المسير؟ ونحسب أنفسنا نواكب حضارة، وتمدنًا وعولمةً، غير أننا نعلم جيدا، أننا لا نلتقط سوى القشور من التمدن هذا، ولا نأخذ سوى التفاهة من الأمور وسفسفاتها.
يا لوقاحتنا.. نعرف أخطاءنا، ونستمر في البلاهة.
نعرف زلّاتنا ونستمر في إرتكاب الجرائم تجاه أنفسنا.
إننا أمة لا تتعض، لا بموتاها ولا بضحاياها،لا بمفقوديها ولا بأحيائها من رجال الحق، بل أصبح الموت يضاجعنا، ويقبع فينا، وينخر الذل في ذواتنا دون أن نحرك ساكنا؛ و لازلنا نطبل، ونزمر لكل ما يأتي من وراء البحر، ونحسب أنفسنا مثقفين، وندعي أننا بإحسن حال ولا ينقص أن يكتمل مشهد حضارتنا، سوى بعض الترقيعات من الصراخ والنشاز بإعتبارنا نتذوق فنا ونستمع ألحانا.
الويل لنا من حاضر يهدم فكرنا، يقتل فينا ملكة التفكير للتغيير والإحسان. الويل لنا من براثن عالم موحش أصبحنا فيه غرباء حتى على أنفسنا.




أنت وأنا



في حواراتنا أنت وأنا

في حواراتنا أنت و أنا، لا يسمع منا الآخر بأذنيه بقدر مايسمعه بواقع الحال الذي جعلنا ك باندا نفترش الأرض والنباتات الصغيرة ونلتهم دون توقف أغصان الوقائع الواحد تلوى الآخر كما سيقان طلع الخيزران العملاقة عملقة وجوهنا الشاحبة وسط كُوَم الخراب الذي خلّفته تلك العقليات المتحجّرة القابعة خلف كالوس التثقف، والتشدّق بالهراء الفاسد على القلوب البسيطة النقية.
إنّنا يا حبيبي نتلاطم مع أمواجِ العفن ونحاول بما نملك من سلاح الصبر أن نحكم غرس ذاك الصَبرَ في حقولٍ قد أحرقتها موجة إتباع موكب الخزي والذل وإلا قطع دابرهم، وليته قطع!


إنّنا نتجرّع كاسات ضيّم مُضنية؛ خُلقنا فوجدنا أنفسنا مقحمين في حرب لسنا لا بالمستفيدين ولا بالشهداء!
إنّنا نموت هباءً دون أن يلتفت أحد لجثثنا، حتى وإن تعفّنت، وملأت الفراغ قرفا! فما همّهم من ذلك وهم يتسابقون لأن يجمعوا مايقدرون عليه من نقود، وتذيّل، و وجاهة.
تبّا لنا كم خسرنا من زفرات أوهنت ماتبقى لنا من قوة، في سبيل أن نترك أثرا من سرابٍ تقتله أيادٍ، وأقدام من طوفان!
كفاكَ يا قلبي ثرثرة، فلم يعد هناك من يأبه لا لثرثرةٍ ولا لصمتٍ.
كلام،كلام، كلام؛ في كل مكان! والفعل واحد يُنفّذه القادمون من الأعماق؛ بل من القاع، ليقلبوا معداتنا، ويتركوننا ويمضون.
من حديث القمر هذا الصباح، قالت أحبّ_الباندا!
ماسة

الرشتة، عجينتها ومريقتها، طبق جزائري تحتفظ بخصوصيتها وأسرار طبخها وتقديمها

  تتعدد تقاليد الأكل الشعبي في البلدان عبر العالم، وهذا بحسب التموقع الجغرافي والتمازج السوسيولوجي والأنتروبولوجي، مما يدخل في مكونات الطعام...