تعد زيارة المتاحف ثقافة مهمة جدا يفتقد لها الانسان الجزائري، وعلى وجه الخصوص الطالب، بحجة ضيق الوقت وعدم تفرغه لذلك لانشغاله بالدراسة والبحث.
تمتلك الجزائر سبعة متاحف رئيسية، كمتحف الباردو، وحصن 23، ومتحف خداوج العمياء، ومتحف سيرتا وغيرها.. وتعد تراث غني جدا ومتنوع. تستطيع بمقومات كثيرة أن تكون رائدة في مجال السياحة بكل أنواعها.
https://www.facebook.com/groups/720342405462605/permalink/763182211178624/
التراث له علاقة وطيدة بالهوية وما خلّفه الاستعمار الفرنسي من قمع للمواطن وابعاده عن كل ما يربطه بهويته، جعله يبتعد بالتوارث عن الاهتمام بتراثه وزيارة المتاحف والأماكن الأثرية!
المتحف كان عبارة عن مكان عرض قبل سنة 1997 بعد ذلك أصبحت المتاحف مؤسسات لها هياكلها وقوانينها التي تنظم الحركة الثقافية للاهتمام بالتراث والمواقع الاثرية.
حماية المعالم الاثرية امر مشروع غير اننا نفتقد لشيء مهم وهو كيف يمكن لنا ان نروّج لهذه المعالم؟
في حين نجد أن العديد من بلدان العالم كانت سبّاقة للاهتمام بالمتاحف والمواقع الاثرية بكافة أشكالها وأقرّت اتفاقيات ومعاهدات لذلك على غرار اتفاقية باريس واتفاقية لاهاي لحماية التراث.
المتحف هو المرآة العاكسة للإرث الثقافي والإنساني للفرد، بصفته بنك أو خزينة تعرّف زوارها بما كان يملك انسان الماضي من ثقافة وتاريخ وعادات.
وحينما نتكلم عن السبب الرئيسي لقلة الترويج لهذه الثقافة نجد بالدرجة الأولى نقص الوعي الإعلامي وحملات الترويج والاشهار للمتاحف والمحميات التراثية والثقافية بدرجة أولى في مجال الصحافة المكتوبة، فالجرائد نادرا ما تتكلم عن ذلك ثم تأتي وسائل الاعلام السمعية والبصرية، فالإذاعة والتلفزيون لا تقدم تفصيلا أو ربورتاج كاملا ومفصلا عن المتاحف عبر كامل ولايات الوطن، إلا ما كان في إطار التنويه لذلك في ثواني عابرة تشير إلى مكان هنا أو هناك!
ثم تأتي وسائل التواصل الاجتماعي والسوشيل ميديا التي على ما يبدو أظهرت وتُظهر أكثر اهتماما بمجال الإرث الثقافي للشعوب من سابقاتها من وسائل اعلام تقليدية.
ففي الجزائر على وجه التحديد نجد أن موقع فيس بوك خطى خطوة كبيرة وسبّاقة في مجال الترويج للاماكن السياحية والمتاحف خصوصا المفتوحة منها على الطبيعة والكل يشهد بذلك.
فعلى مدار السنة نشاهد الملايين من المنشورات التي تتحدث عن المواقع الاثرية وتدعو المهتمين للمشاركة في الرحلات السياحية والميدانية لزيارة هذه الأماكن الاثرية على مدار السنة.
الرحلات المدرسية لازالت تشهد حركة بطيئة من طرف القائمين على ذلك، لم تصل بعد للمستوى العالمي المطلوب على الأقل لتعريف التلميذ الجزائر على الأماكن الأثرية ومتاحف بلده التي يجهل وجود البعض منها تماما.
https://www.facebook.com/groups/1207313432621070/permalink/3582814105070979/
في ذات السياق تواصلنا مع الدكتورة سميرة أمبوعزة مختصة في التراث والمتاحف، وكان لها معنا دردشة خفيفة وممتعة عن موضوع المتاحف في الجزائر، والبلدان العربية.
تحدثت الدكتورة عن الأليات التي يجب أن تتخذها وزارة السياحة حتى نعزّز ثقافة زيارة المتاحف لدى المواطن الجزائري، وكيف يتم الترويج لذلك، إذ في معظم الأحيان -تقول الدكتورة- أننا عند التوجه إلى متاحفنا التي تعتبر موروث ثابت نجد أن عون الأمن هو الذي يقوم بدور إستقبال الزوّار، مع احترامنا لكل أعوان الأمن الذين يقومون بعمل جد حساس في حماية المتاحف وما يوجد فيها من تحف ووثائق، ومقتنيات.
في حين نجد متاحف دول أخرى توظف مضيّفات استقبال خصيصا للاهتمام بالزُوّار ورُوّاد المتاحف، يفرض عليهنّ شروط خاصة فيما يخص المظهر اللائق، وتقمن بالدور المنوط لهنّ على أكمل وجه.
لذلك على الدولة الجزائرية أن تخصص منصب مستقبل أو مضيّفة استقبال على رأس كل متحف عبر كافة متاحف ولايات الوطن.
فمثلا -تظيف الدكتورة- أنه يتوجب علينا عند الولوج إلى المتحف وبمجرد التحدث مع المضيّفة تقديم لكل زائر "منشور broucheur" فيه شرح ومخطط بسيط للمتحف حتى يسهل على الزائر التحرك بسهولة داخل المتحف، ومنشور آخر عن باقي المتاحف الأخرى المتواجدة بالمنطقةوكافة ولايات الوطن، حتى يكون هناك تنسيق بين جميع المتاحف.
ويكون هذا المنشور موحّد بين كل المتاحف.
وتنتقل بنا الدكتورة إلى نقطة أخرى أكثر عمقا وأهمية وهي أنّنا لا نعتمد فقط على المناشير التي تشرح مداخل المتحف ومكوناته، لأن هناك من لا يعرف القراءة، أو يتكاسل عن القراءة ولا يجد وقتا لفتح طيّات المنشور الذي يوضع بين يديه، أو حتى أنه ربما لا يفهم بشكل واضح ما يوجد في المنشور، لذلك وجب مراعاة هذا الأمر، وبالتالي يتعيّن على كل متحف أن يوظّف مرشد سياحي يرافق الزوّار، ويعرفهم على جوانب المتحف المختلفة، ويشرح بطريقة بسيطة يفهمها الزائر البسيط الذي لا يملك ثقافة كافية عن أصل ذلك المتحف.
فكما يقال "رأيتُ الديار بعيني، لعليَّ أرى الديار بسمعي، ورأيت الديار بسمعي لعليَّ أراها بعيني".
وكل متحف يبعث بتقرير لوزارة السياحة عن عدد المرشدين الذين يحتاجهم للعمل في المتحف.
يجب أن يمتلك المرشد شهادة معيّنة تُؤهله للعمل كمرشد متحفي ودليل سياحي داخل المتحف سواء كان متحفا مغلقا داخل الأسوار أو الأبواب أو متحفا مفتوحا على الطبيعة.
يأخذ المرشد التكوينات والتربصات اللاّزمة، ويتقيد بنظام معيّن داخل المعهد الذي يدرس به من دورات تدريبية، بحيث تؤهله أكثر للعمل في هذا المجال. يستطيع من خلاله أن يجعل لهذا المكان الصامت روحا تتكلم!
لأن المرشد سفير المكان المتواجد به، وهو النواة الأساسية التي يستطيع من خلالها المتحف إكتساب شعبية وإهتمام كبيرين عندما يؤدي عمله كما يجب وبحب، فلا يخرج الزاىر إلا وقد حظي بالمتعة التاريخية وحفاوة الإستقبال وغزارة المعلومة التي قد يوظفها في علم يدرسه أو مادة ينتجها، فنيا وثقافيا وسنيمائيا وإجتماعيا، وبالطبع تربويا.
فالبنسبة للدول التي تهتم فعليا بتراثها المتحفي، يعدّ الإهتمام بالزوار بشكل متكامل وظيفة المرشد السياحي الأولى، فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن يترك محافظ المتحف أو الباحث الذي يعمل داخل مخابر المتحف عمله، ويتوجه مع الزائر للتجول معهم ليُعرّفهم على المتحف ومقتنياته!
على كل القائمين بهذا القطاع الحسّاس أن تتظافر مجهوداتهم جميعاويتم دمج العمل مع بعضهم البعض وتشجييع المرشدين السياحيين على بذل المزيد من الجهد والمثابرة وتجويد العمل وذلك بتوظيفهم ومنحهم فرص التكوين والتدريب والإمتيازات المثالية حتى يطوّروا من تقنيات جذب الزوّار ورُوّاد المتاحف، التي بقيت في كثير من الأحيان طيّ النسيان ولا يعرف المواطن البسيط الكثير من تاريخ بلاده القابع خلف جدران المتاحف، ولا يمكن بأي حال من الأحوال النهوض بقطاع ما لم تُسخّر له كل الإمكانات البشرية والمادية، وبالأخص الإستثمار بالثروة البشرية وتسليط الضوء على هذا النوع من السياحة إعلاميا، وذلك بتوجيه الأنظار نحو المتاحف، وبرمجة رحلات سياحية ترافقها معظم وسائل الاعلام، والإستعانة بالتكنولوجيا الرقمية والإعلام الالكتروني، وذلك لتطوير الإهتمام بممتلكاتنا الثقافية وموروثنا الشعبي والمتحفي.
No comments:
Post a Comment